أصول أولاد حريز متنوعة للغاية.
. يبدو أن إحدى مجموعات القبيلة، أولاد جابر، جزء من المجموعة
العربية جشم. ويذكر ابن خلدون ثلاثة فروع لهذه القبيلة: الخلوت، والسفيان، وبني جابر.
لقد رأينا أعلاه أن جشم قد تم نقلهم إلى المغرب على يد يعقوب المنصور، الذي أسسهم على
وجه التحديد في تامسنا. ومن المحتمل أيضًا أن تعود أصول رياح أولاد حريز إلى إحدى الشعوب
العربية الأخرى التي جلبها نفس السلطان إلى سهول المغرب العربي الواقعة جنوب المحيط
الأطلس.
ونجد أيضًا من بين أولاد حريز أحفاد سكان تامسنا القدماء.
نقرأ أعلاه تاريخ أولاد صالح: حقيقة أن مثل هذا التقليد القديم تمكن من البقاء واضحًا
ودقيقًا حتى اليوم يسمح لنا بالاعتقاد بأنه مرتكز. إذا درسنا عن كثب تقسيم القبيلة
الحالية، لا يسعنا إلا أن نلاحظ أن جميع العناصر القديمة لتامسنا، أولاد صالح، رياح
وبني جابر، دون تمييز في المعتقدات أو الأجناس، قد تجمعت معًا، كما لو كانت تشكل كتلة
واحدة أمام غازي جديد.
عندما جاء فقرا أولاد علال وأولاد عبد الله مع كل أولاد
يوسف، كان العنصر الذي وجدوه أمامهم قد انخفض بالفعل، منذ وصولهم من تادلة، توقفوا
في منطقة فارغة وغير مأهولة. وهذا التجمع الجديد، بعد الأول، هو الأقدم الذي حفظت التقاليد
ذكراه؛ وهو أيضًا أحد الشخصيات الرئيسية في القبيلة الحالية.
وفي وقت لاحق، بين 1795 و1822، في عهد مولاي سليمان، ظهرت
مجموعة أخرى، أولاد سيدي الجيلالي العميري. الذين ينتمون إلى بني عامر تادلة، جاءوا
واستقروا بجوار الاثنين الآخرين. وتبعتها بعد فترة وجيزة، حوالي عام 1830، في زمن مولاي
عبد الرحمن، فرقة من الشلوح، يمثلها الحباشة والتي تزايدت أعداد الشلوح الأخرى بشكل
كبير منذ ذلك الحين.
أولاد يعقوب يعترفون بأولاد قاسم كأسلافهم. يقول أولاد
يوسف إنهم مرتبطون بالدرنة.
يمكننا القول، باختصار، أن قبيلة أولاد حريز عبارة عن
مزيج من عناصر مختلفة: برغواطة، وعرب من العصر الموحدي والمريني، وأشخاص من تادلة،
والشلوح، ودكالة، مندمجون هناك أو يعيشون جنبا إلى جنب. في القرن التاسع عشر، كان أولاد
حريز جزءًا من مجموعة أولاد بن عطية.
VILLES ET TRIBUS DU MAROC - CASABLANCA ET LES
CHAOUIA - TOME 2
اسم
القبيلة هو نسبة لحريز بن تميم بن عمرو وشاح بن عامر بن رافع بن دباب بن مالك بن
سليم.
----------------------------------------------
يختلف الناس في تعريف تسمية أولاد حريز، فيعتبرهم البعض مجموعة من القوم، سارت بذكرهم الركبان، عندما كانوا يحاربون في ساحة الوغى، قبل أن يأتي
زمن، وتقوم قيامتهم مع الأقداح، حتى الصباح، في الليالي الملاح، مبذرين الثروة، في الخمريات على الراقصات، ينشدن لهم: " انتم يا أولاد حريز، جدكم شريف عزيز". ويرى آخرون بأن التسمية تشير إلى موقع جغرافي، يمثل صورة مخيالية للخصب والعطاء، في اللاوعي الباطني، وفي التاريخ والوقائع، كانت تتحول في نهاية الموسم الفلاحي، إلى مرتع للنشاط مع أغاني العيطة، "الزين العزيز، اللي في أولاد حريز". وإنه لأمر عادي، بالنسبة لهؤلاء القوم، الدين أكسبهم قربهم من الدار البيضاء كثرة التأنق والخيلاء، ووصفهم أديبهم أحمد المديني، في "مدينة براقش"، بقوله: " وأولاد حريز عن قريب ستقوم قيامتهم: فها هم في أيام معدودة، بعد الحصاد والدراس، سيحصدون غلة العام في الماكول والشراب، والزهو والقصارة، فهم أهل نخوة، ومدبرها حكيم لما تبقى من شهور العام... وهم أيضا فقهاء وورعون، يقبلون على الدنيا والآخرة في وقت واحد. وترى فيهم من لا يجد غضاضة في الجمع بين التناقضات، وما ما دلك إلا لغلبة الفطرة على سلوكهم، وبعدهم عن التكلف ونبدهم للتطرف، ومحبة في الحياة".
لقد كانت تسمية أولاد حريز، في بداية الأمر، تحمل مدلولا عرقيا، يتجسد في الانتماء إلى جد واحد أعلى، يؤلف بين الجماعات المتنوعة، ويمنحها الشعور بالانتماء إلى الهوية الواحدة. ولكن مع الانتقال من مرحلة الاقتصاد الرعوي إلى حالة التمركز في الأرض، تم تجاوز العلاقات الدموية، والاستعاضة عنها بالارتباط بالأرض وبالصلحاء، كخاصية للقبائل المستقرة. فتحول التقديس من الجد الوهمي إلى الرقعة الجغرافية، التي أصبحت تدعى أولاد حريز، مثلها كمثل باقي البلاد التي تحمل اسم العباد.
وعلى الرغم من هده التحولات، فإن الروابط العرقية، الحقيقية منها والوهمية، لا تزال تتحكم في الوعي الجماعي. شأنهم في دلك شأن أولاد حريز البيضاويين، الدين كانت تأخذهم الحمية، فيهرعون لنصرة دوي القربى، خلال نشوب النزاعات و المعارك، في أحياء الدار البيضاء.
عندما تناثرت الزوايا والأضرحة بشكل مذهل، من جراء التطور، الذي لحق المنظر العام، لبادية أولاد حريز، أصبح كل دوار يتوفر على مزار مقدس، يحتضن رفات ولي صالح. كما ظهرت أحواش وأضرحة فارغة، لها طابع رمزي، مثل حوش سيدي حسن، بدوار أولاد السي حمو، الموجود على بعد ست كيلومترات شمال شرق القصبة القديمة، التي لم يبق لها أثر إلا في الأحاجي وكتب التاريخ. وهو عبارة عن بيت متواضع شيد بالمكان الذي وضع به الهودج، المخفية فيه جثة مولاي الحسن الأول، عندما اضطرت المحلة السلطانية، للمبيت فيه ليلا، خلال عودتها من أولاد زيدوح باتجاه الرباط، بقيادة الصدر الأعظم. وكذلك الضريح الرمزي لسيدي الجيلالي لعميري التادلي، دفين أزمور، وهو يوجد على بعد كيلومتر ونصف،، شمال غرب قصبة برشيد، التي لم يعد لها من وجود، إلا في كتب الرحالة والمؤرخين. ودلك مع فارق أساسي يتجلى في كون حوش سيدي حسن، كان يستغل للتعافي من الأمراض الجلدية، بينما ضريح سيدي الجيلاني ظل يخضع لقيود صارمة، تمنع تسخيره للبدع والشعوذة، مما تسبب للفقيه سيدي المدني، رحمه الله، بالنفي لعدة سنوات، على يد والده، بسبب إقدامه على تمكين الزوار بالأحجية والتعويذات.
ومن الملفت للانتباه، أن درية سيدي الجيلاني لعميري لا تتقاسم نفس الجدع مع الفرع القادري الذي يسكن مدينة فاس: أولئك الشرفاء الدين قدموا من الأندلس، بعد سقوط غرناطة، وبحوزتهم سلسلة موثقة، تربطهم بالشيخ أبو اسحاق ابراهيم بن عبد القادر الجيلاني. إن القادريين الحريزيين يتوفرون بدورهم على ظهائر سلطانية مؤكدة، تنبث صحة نسبهم الشريف. ويمكن القول بأنهم مسلحين بوثائق وحقائق تاريخية على الأرض، لا تتدخل فيها المعتقدات، ولا تقتصر على الإيمان، الذي يخاطب طبقات اللاوعي، فيضيف على الأسطورة صبغة الواقعية، بشكل ديماغوجي. إنهم يختلفون عن أشراف فاس، بارتباطهم بالقطب مولاي عبد القادر الجيلاني عن طريق ابنه الشيخ سيدي عبد الرزاق: فهم أبناء سيدي الجيلالي بن محمد، بن ناصر، بن عبدالسلام، بن عمر، بن محمد، بنمنصور، بن عيسى، بن عبد الله، بن عمر، بن الحسن. والجد الجامع لشعبهم هو الحسن أبن شعيب بن على بن عبد القادر بن أحمد بن محمد بن لقمان بن محمد بن عبدالرزاق بن الغوث مولانا عبد القادر الجيلانى، سليل موسى الجون.
طهير الجيلالي .
https://www.facebook.com/profile.php?id=100064620224922